تسابق عقدة الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي الزمن، لبلوغ حل الغموض السياسي الذي اكتنف تشكيل الحكومة الجديدة، تزامنا مع نفاد صبر المواطنين بسبب تراجع الخدمات الأساسية، والبطالة، وبطء وتيرة إعادة الإعمار بعد حرب داعش.

ومساء الأحد، أعلنت كتل "سائرون" و"النصر" و"الحكمة" و"الوطنية"، بعد اجتماع لها بفندق بابل في العاصمة بغداد، تأسيس "نواة" لتحالف يسعى لتكوين الكتلة النيابية الأكبر، رافعا شعارات "اللاطائفية واللامحاصصة".

وأكد قادة التحالف، وهم زعيم التيار الصدري وكتلة سائرون مقتدى الصدر، وزعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي، وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، وزعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي، عزمهم على محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين.

ويعد هذا التحالف الأول الذي يتم الإعلان عنه رسميا، ليمثل أولى خطوات الكتلة الأكبر في البرلمان الجديد الذي عليه أن يجتمع، وينتخب رئيسا للبرلمان، ثم رئيسا للبلاد ورئيس وزراء، ومجلس وزراء خلال 90 يوما.

لكن التحدي الذي يواجه التحالف هو حاجته إلى 165 مقعدا، من مجموع 329، لتشكيل الكتلة الأكبر.

مقاعد التحالف الرباعي

يحتفظ تحالف سائرون بصدارة نتائج الانتخابات بامتلاكه 54 مقعدا، ولدى النصر 42 مقعدا، بينما يمتلك ائتلاف الوطنية 21 مقعدا، وبحوزة الحكمة 19 مقعدا، أي ما مجموعه 136 مقعدا.

وهذا يعني أن التحالف المعلن بين الأطراف الأربعة في حاجة إلى 29 مقعدا إضافيا حتى تبلغ الكتلة النيابية الأكبر نصابها.

وتجعل هذه الحسبة التنافس بشأن تشكيل تلك الكتلة محموما بين هذا التحالف، والتحالف المضاد الذي يقوده زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

فقد أعلن مكتب المالكي وجود اتصالات بين القانون وائتلاف الفتح بقيادة هادي العامري، والحزبين الكرديين (الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني) والمحور الوطني، وسط حديث للإعلان الكتلة الأكبر.

المحور الوطني والأكراد

لكن شخصيات عراقية بارزة تحدثت عن أن وفدا من المحور الوطني حضر اجتماع بابل، الأحد، في إشارة إلى عدم حسم تحالف المحافظات الست السنية الانضمام إلى أي كتلة.

والمحور الوطني، بزعمائه الستة، هو نتاج اجتماعات موسعة لـ"اتحاد القوى" الذي يضم معظم الكتل السنية المشاركة في العملية السياسية، ويهدف المحور إلى توحيد الرؤى بشأن برنامج سياسي وحكومي تنموي شامل.

ويضم المحور الوطني أكثر من 51 نائبا فائزا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو الماضي.

ويشارك الحزبان الكرديان المحور الوطني في عدم حسم الانضمام إلى أي تحالف، لكنهما جاهزان بمسودة مشروع تتضمن 27 نقطة تمثل أساسا للحوار مع الأطراف العراقية، بحسب تصريحات صحفية للمتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني سعدي بيرة.

لكن بعد اجتماع بابل والحديث عن اجتماع المالكي بحلفائه، قال رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج لقناة الشرقية، الأحد، إن الأكراد أضافوا "60 شرطا من أجل المشاركة في الحكومة".

رئيس الوزراء

وساهمت تطورات المشهد السياسي العراقي في تغيير حركة الأسهم مجددا في بورصة رئيس الوزراء المحتمل.

فزعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي الذي تراجعت حظوظه بالأساس في الظفر بولاية ثانية، بعد إعلانه الالتزام بالعقوبات الأميركية ضد إيران، قبل تراجعه عن موقفه، يواجه الآن تهديدات بانشقاقات في ائتلافه لعدد من النواب.

وأكدت كتلة "عطاء" بزعامة فالح الفياض، عدم التزامها بدخول ائتلاف النصر، في تحالف وصفته بالمحدود.

لكن المستشار في رئاسة الوزراء العراقية إحسان الشمري، قال على صفحته بموقع "فيسبوك"، إن العبادي هو "الأوفر حظا" لتولي منصب رئيس الوزراء.

إيران

ولا يمكن أن يتجاوز أي حراك سياسي في العراق مجهر ويد الجارة إيران، التي لم تكتفِ بإرسال قائد فيلق القدس قاسم سليماني للتدخل في مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية.

فقد زجّت طهران بمسؤول الملف العراقي في أداتها اللبنانية، ميليشيات حزب الله، محمد الكوثراني، للإسراع بعقد تحالف يستطيع تمرير توليفة حكومية على هوى إيران، وربما هويتها، وهو ما يحققه تحالف المالكي والعامري معا.

إلا أن الصدر الذي يلعب دورا محوريا في تشكيل الحكومة المقبلة في العراق، سبق أن أصدر قائمة تضم 40 شرطا يقول إن على رئيس الوزراء الجديد أن يلبيها، بما في ذلك "الاستقلال السياسي"، في تلميح إلى رفض التدخل الإيراني.

الصدر أعاد التأكيد على هذا الشرط في لقائه مع العامري، في مايو الماضي، عندما شدد على أهمية مشاركة جميع الكتل الفائزة "التي تنتهج مسارا وطنيا" في تشكيل الحكومة الجديدة، وأن يكون قرار تشكيلها "قرارا وطنيا".