رغم التعديل الذي أدخل على الحكومة المصرية لتحسين مواجهتها للأزمة الاقتصادية المتمثلة في ارتفاع العجز في الموازنة وتراجع احتياطي النقد الأجنبي وهبوط سعر الجنيه، فإنها تواجه العديد من التحديات في أوضاع سياسية واجتماعية دقيقة كما يرى عدد من المحللين.

وللحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار أميركي تحتاجه مصر "كشهادة ثقة" لاقتصادها، بدأت حكومة هشام قنديل الاثنين مفاوضات من وفد من الصندوق وصل مساء الأحد إلى القاهرة حسبما أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية.

ويرأس الوفد المسؤول في الصندوق عن الشرق الأوسط وآسيا الوسطى مسعود أحمد الذي سيجري مباحثات منفردة مع الرئيس المصري محمد مرسي.

والحصول على هذا القرض يعتبره كثيرون شرطا لا بد منه للنهوض الاقتصادي، وإنما من دون مخاطر على الصعيد الاجتماعي.

وقد حدد مرسي بنفسه ورقة عمل مثقلة للوزراء العشر الجدد الذين انضموا إلى الحكومة الأحد في إطار التعديل الوزاري والذين يتولى غالبيتهم حقائب اقتصادية بينها وزارة المالية.

واعتبر الخبير الاقتصادي في مركز دراسات الأهرام أحمد النجار، أن "المؤشرات مثيرة للقلق".

وأضاف أن "السياحة التي كانت تدر فيما مضى 13 مليار دولار سنويا، لم تعد تدر أكثر من 8.8 مليارات، أما بالنسبة للبطالة فقد ارتفعت من 9 إلى 12 % من القوى العاملة في غضون سنتين".

وآخر مؤشر مثير للقلق تراجع سعر صرف العملة المصرية في بضعة أيام من 6 إلى 6.4 جنيهات للدولار الواحد، في تدهور لا يزال معتدلا لكنه زاد من هشاشة وضع البلد بسبب حصوله المفاجئ.

وأقر البنك المركزي المصري أن احتياطيه من النقد الأجنبي تراجع في غضون عامين من 36 إلى 15 مليار دولار، أي ما يغطي نظريا ثلاثة أشهر من الواردات، بلغت مستوى "حرجا"، واتخذ البنك إجراءات للحد من خروج العملات الأجنبية من البلاد.

ولمصر أيضا "هاويتها المالية"، فقد صرح وزير التخطيط أشرف عبد الفتاح العربي أن عجز الموازنة قد يقفز بنسبة 50 % ليصل إلى 200 مليار جنيه مصري (31 مليار دولار)، مقارنة بالتوقعات للعام المالي 2012-2013 "إذا لم تطبق إجراءات اقتصادية صارمة".

وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في بيان أخير حول إصلاح نظام القطع المصري: "ليعمل النظام يجب أن تعود الثقة سريعا، وينبغي البدء باتفاق مع صندوق النقد الدولي".

وأعرب وزير المالية الجديد المرسي السيد أحمد حجازي، الأستاذ الجامعي المتخصص في الاقتصاد الإسلامي، فور توليه منصبه عن "استعداده لإنجاز المشاورات مع صندوق النقد الدولي لإبرام اتفاق حول قرض".

ويعتبر هذا القرض حاسما بالنسبة للحصول على تمويلات دولية أخرى ومواكبة إصلاحات صعبة.

لكن الحصول على هذا القرض يتطلب اتخاذ إجراءات تقشف تشمل أساسا رفع الدعم عن الوقود أو المنتجات الغذائية، ما يسمح ببقاء أسعار الكثير من هذه المنتجات الأساسية منخفضا جدا.

وفي ديسمبر الماضي اضطر مرسي إلى تجميد زيادات في أسعار عدة منتجات استهلاكية أساسية قبل بضع ساعات من تطبيقها، وضحى بذلك بصورة موقتة على الأقل بتحسين وضع المالية العامة بهدف تجنب توتر اجتماعي.

وقد يؤثر اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المتوقعة في غضون شهرين تقريبا على القدرة على إجراء إصلاحات.

وقال الخبير الاقتصادي أنغوس بلير مدير "معهد سيغنت" في القاهرة إن "الأشهر القليلة المقبلة ستكون حرجة جدا".

وأضاف: "يمكننا أن نامل في أن يحمل وزير المالية الجديد خطة إبداعية، لكن الواقع يشير إلى أنه سيتعين عليه العمل في ظل أوضاع تفرض حدودا ضيقة".