في هذه المدينة القبرصية الساحلية تزين صورة لقباب الكرملين أبواب متجر محلي صغير بينما تقف سيارات فيراري فارهة جاهزة لمن يريد استئجارها من الأثرياء الروس، وتنتشر متاجر تعرض للبيع معاطف فراء "المنك" في الشوارع التي تغمرها أشعة شمس البحر المتوسط الدافئة.

ومن باب التندر يطلق أهل ليماسول على مدينتهم اسم "ليماسولغراد" إذ تنتشر فيها اللافتات بل والمدارس الروسية ويقيم فيها أكثر من 30 ألف روسي بدأوا يفدون على قبرص بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كما تستقبل المدينة أعدادا متزايدة من السياح كل عام.

يقول فاديم رومانوف وهو مستثمر عقاري روسي يبلغ من العمر 28 عاما "قبرص مكان رائع لأداء الأعمال فالناس ودودون وهي مناسبة للروس جدا لأن كل فرد فيها تقريبا يتحدث بشيء من اللغة الروسية." مضيفا "وكأني لم أغادر روسيا."

وتمثل ليماسول التي تقع في جنوب الشطر اليوناني من قبرص علاقة الود التي تربط البلدين التابعين للكنيسة الأرثوذكسية، التي يمكن تتبع آثارها إلى عهد بيزنطة، ووثقت الروابط المالية العميقة أواصرها.

لكن المسؤولين عن السياسات في أوروبا بدأوا يسلطون الضوء على هذه العلاقات للبحث عن إجابة عما إذا صارت قبرص مركزا لغسل الأموال الروسية، وفي الوقت نفسه يحثون موسكو على تقديم قرض بقيمة 2.5 مليار يورو لمساعدة قبرص على تفادي الإفلاس.

وتروح مبالغ طائلة وتجيء بين البلدين كل عام، تفوق الدخل الوطني لقبرص البالغ 18مليار يورو بعدة مرات. إذ يسعى الروس للاستفادة من اتفاقية تتيح لهم سداد الضرائب بمعدلات منخفضة في قبرص.

لكن هذه المبالغ تثير ريبة بعض دول الاتحاد الأوروبي خشية استخدام التحويلات المعقدة في غسل أموال تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة، أو التهرب من الضرائب.

ومازالت قبرص تنتظر مساعدة من الاتحاد الاوروبي بعد ثمانية أشهر من طلب العون. ومن الأسباب التي تعطل تحرك الاتحاد الأوروبي لنجدة قبرص مخاوف لدى ألمانيا من أن يتدخل الأوروبيون عن غير قصد لإنقاذ أثرياء روس نقلوا أموالهم إلى مؤسسات مالية في قبرص.

وطلب وزراء المالية لدول منطقة اليورو تقريرا خاصا هذا الشهر عن سبل الحماية التي تطبقها قبرص للوقاية من عمليات غسل الأموال. لكن مجرد التلميح إلى احتمال وجود أموال غير مشروعة تتدفق عبر قبرص يثير مشاعر مختلطة من الحيرة إلى الغضب في ليماسول، حيث يرى البعض أن الاتحاد الاوروبي يبحث عن أعذار للتهرب من تقديم العون لقبرص.

وتنفي قبرص بشدة ادعاءات غسل الأموال وتقول إنها حصلت على أعلى الدرجات في تقييم مؤسسات مستقلة مثل مؤسسة موني فال التابعة لمجلس أوروبا.

وقال أندرياس نيوكليوس وهو محام قبرصي بارز يشارك في إبرام صفقات روسية منذ أسس مكتبا في موسكو عام 1991 "إنهم يظلمون قبرص ظلما كبيرا."

وأضاف "في هذا الحي الصغير جدا والمجتمع المحدود جدا يعرف الكل حتى بتحويل مبلغ نصف مليون (دولار). فأين إذا غسل الأموال؟"