جاء حديث الرئيس الأميركي ترامب عن المناطق الآمنة في سوريا لاحتواء النازحين، في سياق تعامله مع فكرة المهاجرين وانتقاده لتعامل أوروبا معها وبخاصة القادمين من سوريا، وربما أراد أن يقدم حلا لمشكلة الهجرة للسوريين إلى أوروبا وأميركا، لكنه حل جاء بعد نحو ست سنوات من الأزمة، وبعدما استقر مشهد اللجوء السوري بنسبة كبيرة في دول الجوار السوري أو بقيه دول العالم .

حدد ترامب هدف المناطق الآمنة بأنها لغايات تأمين مناطق آمنة للفارين من العنف في سوريا وأن تكون داخل الأراضي السورية.

لكن هذه الفكرة لو كانت قبل أربع أو خمس سنوات ربما كانت تحد من تحول اللجوء السوري إلى أزمة إقليمية ودولية، ولكان تأمين متطلبات هذه المناطق عسكريا أسهل بكثير من اليوم حيث أصبحت روسيا لاعبا عسكريا مركزيا وأيضا أصبح النظام أكثر قوة واستقرارا، والأهم أن ملايين اللاجئين السوريين قد استقروا في دول الإقليم والعالم .

يواجه مقترح المناطق الآمنة كما يطرحها ترامب تساؤلات كبرى منها:

  • التنسيق العسكري الكامل مع روسيا وحتى النظام السوري حتى لو كانت تلك المناطق قرب الحدود السورية مع جيرانها .كما تحتاج اقامه المنطقة الآمنة إلى تأمين عسكري لها، فمن هي الجهه التي ستتولى هذا؟: أميركا أم قوات دولية أم قوات مشتركة روسية أميركية أم ستدخل دول الجوار بقواتها إلى داخل الأراضي السورية بما يشبه التدخل العسكري أو الاحتلال وما يحتاجه هذا من رضى وقبول سوري وروسي وإيراني؟
  • إذا نظرنا إلى مصالح الدول المستضيفة للسوريين والتي أغلقت معظمها الحدود أمام استقبال المزيد، فهل هذه المناطق ستكون لمن سيغادرون سوريا اليوم هربا من العنف أم سيتم إعادة الموجودين منهم في الدول التي تستضيفهم وتحديدا في الأردن وتركيا ولبنان وأوروبا وأميركا بحيث يتم تجهيز مخيمات إقامة لهذه الملايين داخل الأراضي السورية بعد ترحيلهم من تلك الدول؟!
  • إذا كانت إعادة من هم اليوم خارج سوريا وهم بالملايين أمر فيه صعوبة وقد تحتاج سنوات لترتيب عودتهم، فهل هذا الجهد العسكري والإنساني والمالي سيكون لإقامة من هم موجودون على الأرض السورية مثل المقيمين في مخيم الركبان الذي يعيش تحت سطوة عصابة داعش؟ .
  • ولعل من التساؤلات البعيدة عن المناطق الآمنة: هل ستكون لغايات اقتطاع أجزاء من الأرض السورية لتكون تحت ولاية الجيش الأميركي ويكون هذا مقدمة للتقسيم أو إعطاء مناطق لإقامة بعض التنظيمات المتطرفة بعد الوصول للحل السياسي؟ .
  • أما السؤال الجغرافي فهو أين ستكون هذه المناطق داخل الأرض السورية، في ظل توزع الجغرافيا السورية بين سيطرة النظام وعشرات التنظيمات بما فيها النصرة وداعش؟ وأي منطقة أو مناطق تلك التي ستكون قادرة على احتواء ملايين البشر؟ !!

وأخيرا، فقد تكون فكرة المناطق الآمنة نوعا من التعبير من ترامب عن سياسته المتشددة تجاه النازحين لكنها على الأرض فكرة ليس من السهل  تطبيقها بل ربما يكون مستحيلا، وقد تقدم بعض الدول تصورات مختلفة لهذه المناطق تحمل ذات الاسم.