أضحت وسائل التواصل الاجتماعي كمنصات سياسية مهمة، تستعمل للتأثير ويقرأ من خلالها توجهات الرأي العام، ويتم عبرها التأثير على قطاع عظيم داخل المجتمعات.

ولأهمية هذه المنصات يقدم سياسيون كثر على استخدامها والانتفاع من قوتها ووصولها مباشرة للمتلقي دون حواجز، فتصبح الفكرة والرأي ضمن الصراعات السياسية بين الدول، بل إن أهميتها تبرز في مواقف بعض الرؤساء الذين ينصتون لما يصدر عبرها، كما يتلقى الحكام تقارير يومية عن أبرز ما يهمهم وما تتحدث عنه مجتمعاتهم.

تنبهت الحركات الإرهابية لهذه المنصات الاجتماعية الحديثة، وبرزت داعش كأهم وأخطر المستغلين لها، وكم من شاب قدم نفسه رهينة للإرهاب بسبب تأثره بالرسائل التي تروج داخل "تويتر" و"فيسبوك".

كما اعترف الغرب بقوة "الرسالة الداعشية" وتأثيرها المتجاوز للحدود، واعترف بعجزه عن مواجهة هذه الرسائل نتيجة لعوامل عديدة منها النقص البشري في أجهزة المكافحة، وعدم الفهم الدقيق للمحتوى.

ولا بد من الإشارة الى استخدام بعض المنتسبين لحركات إرهابية كالإخوان هذه الوسائل لإشاعة التذمر، ولبث اليأس داخل المجتمع، ولصنع جو من التململ ضد الأنظمة.

بالطبع قد تخدم بعض الأنظمة هذه الحركات بسوء إدارتها، لكن هذا لا يعني الوقوع في أحضان الإرهاب والتشدد والتطرف أو معالجة الأخطاء بأخطاء أكبر.

وتفننت هذه الحركات أيضا في دق الأسافين بين الدول المتحالفة، وبين الأصدقاء، طالما أن الأجندة هي خدمة التنظيمات لا الأوطان.

وللأسف يساعد العديد من الذين يفترض بهم قيادة الرأي العام للإيمان بحتمية التحالف والتعاون العربي، يساعدون هؤلاء عبر حملات هدفها شق الصف العربي، والخليجي خاصة، ويعملون دون كلل أو ملل على إيجاد ما يفرق لا ما يوحد.

ولعل أهم هؤلاء من يصطف في صف حركات تم إعلانها على أنها إرهابية، ورغم ذلك لم يتوقف مسلسل الترويج لأفكارها ولمنهجها.

ولمواجهة هذا لا يجب إغلاق هذه المنصات الاجتماعية الإلكترونية، بل يجب تطبيق القوانين التي تردع من يسيء استخدامها، ولا تنفع البيانات التذكيرية ولا الرسائل التي تصل للمتلقي وهي تحمل مرادا غير ما خطط له من قبل المرسل.

لمعالجة هذا الأمر يجب أن تكون الشفافية سيدة الموقف، ويجب أن يكون لكل حكومة ناطق رسمي، ولكل وزارة خارجية لسانها الرسمي، وأن تُفتح الأبواب للإعلام المحلي والدولي للحصول على المعلومة من صاحب القرار وصانعه، لا أن يخضع المجتمع لخديعة المنافقين ومشعلي نيران الأحقاد.

وحين يكون هناك حديث عن خلاف بين دولة وأخرى يجب أن يتم توضيح ذلك والسعي لحل الخلاف أو أن يعلن أن البلدين سيؤجلان البت فيه ويعملان في الملفات التي يتفقان حولها.

نعرف جيدا قصصا عديدة تستغل فيها التنظيمات وبعض الدول المارقة أًصواتا محلية لزيادة سعير الخلافات، وحين لا يجد المجتمع أي صوت رسمي يتحدث يتلقف باعة الأوهام ذلك ويقومون بملأ الفراغ الرسمي، بل يصدقون أنهم قد أصبحوا وزراء ظل حين لا يجد المجتمع ظلا غيرهم.