من مخرجات المؤتمر السادس والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ إطلاق مركز دولي يكون بؤرة للابتكار، ويقدم حلولاً تحولية لكبح جماح التغيّر المناخي.

غير أنه يجب أن يضم نوعين من خبراء الطاقة والمخترعات – المبتكرين لحلول جذرية تحقق تصفير الانبعاثات (والربح الخالي من الضرائب إلى حين)، ونظرائهم المعالجين للحلول القائمة بغية استدامة ربحيتها إلى حين تمكنهم من التحول الكامل دون إخلال باقتصاداتهم – ولدول الشرق الأوسط وأفريقيا موقع حرج بين النوعين.

وفقاً لصفحة الإنترنت المخصصة للمبادرة، من المقرر أن يتضمن المركز قواعد بيانات للمسائل المتطلبة لحلول – سواءً قُدّمت فيها طلبات من قبل الأطراف المتضررة، أم اكتشفها باحثون واقترحوا مقاربات وبادروا بتطبيقها، مع آليات لقياس الأثر ومجال للتمويل.

هنا متسع لصراع المموّلين الراغبين في غسل سمعتهم البيئية بادعاء التخضير – وهم إما ينكرون قضية تغير المناخ أو يماطلون في التحوّل لإطالة مدى التربّح من مصادره التقليدية الملوثة. بالمقابل، يوجد نوع من المتطرفين البيئيين يسعون لإلغاء مخالفيهم أو من يودون اتهامهم أو ابتزازهم، ونوع أرجو أن تنجح دول منطقتنا في إثبات انتمائها إليه: دول نفطية نامية – على اختلاف درجات ومراحل النمو – بحاجة إلى تمويل إنجازات فعلية لحماية البيئة تلجم المشككين وتكسبها مصداقيةً ووقتاً لتأمين بدائل مجدية لأرباح مواردها التقليدية موضع الاتهام بالتلويث، مثل المعادن والوقود الأحفوري.

أخطر الأنواع – بخلاف سالفي الذكر – هم المبتكرون من علماء المراكز البحثية المتقدمة، إذ تقع عليهم مسؤولية الانتصار في المنافسة واختراع مادة أو وسيلة تضمن الريادة في مطابقة المعايير البيئية المستحدثة على توليد الطاقة والهيمنة على حركة الأسواق والمفاوضات السياسية. هؤلاء هم السفراء المحتملين للنوايا الحسنة لاقتصادات دولنا، حيث يشكل تمويل أبحاثهم وبرامج مؤسساتهم ذات العلاقة المباشرة بمصالحنا صمام أمان للشراكة الربحية معهم عند تسليع ابتكاراتهم، والتحالف مع دولهم للتموضع النافع عند إحلال هذه الابتكارات محل ما لدينا الآن.

من ضرب الخيال العلمي، قد يكون الابتكار مادة تضاف على النفط فتجعل مشتقاته قليلة الانبعاثات، أو تقفز بكفاءة البيروفسكايت للخلايا الشمسية أو تستبدله، فتنتج الخلية الواحدة في دقيقة ما ينتجه الحقل الشمسي في يوم. وربما نشهد بطاريات تشحن في دقائق وتعمل لأشهر، ومراوح مختلفة التصاميم تخرج أعلى قدر من طاقة الرياح والأمواج. علينا الاستعداد بالشراكة التحوطية، وتمويل كراسي بحثية ضمن برامج شراكات لزرع باحثي دولنا الواعدين في صفوف نظرائهم المتقدمين في أبرز المعاهد التكنولوجية.

في منتصف ستينات القرن الماضي، عاد مستكشفو خندق مارياناس اليابانيون من أعمق نقطة في المحيط الهادئ وعلى وجه الأرض – 11 كيلومتراً تحت سطح البحر – مخاطرين بغواصتهم الصغيرة وسط ضغط يعادل 64 طناً في البوصة المكعبة، وبحوزتهم حفنة تراب من قاع المحيط، وجدوا فيها بكتيريا تلتهم النفط، وكعادة اليابانيين، عالجوها تجارياً وجعلوا منها دواءً ناجعاً ورائجاً للقضاء على بقع الزيت وانسكابات وتسربات الناقلات في عرض البحر وعند السواحل. الاختراع القادم ينتظر شراكتنا، شرط أن نحسن البحث والاختيار، وأن يكون اصطفافنا مع الجهد البحثي الواعد.

أختم بمثال لابتكار جديد قد يخفف من شيطنة تكييف هواء المباني كمصدر هدر للطاقة وللاحتباس الحراري، وهو ضاغط جديد للمكيفات من ابتكار شركة ماغتور الناشئة، يعمل بالمغناطيس الخطي، حجمه أصغر ووزنه أخف من التصميم التقليدي، وتردداته تجري بسرعة أكبر، مع أجزاء أقل واستهلاك أقل للطاقة وبلا ارتفاع مفاجئ عند التشغيل. هذا الضاغط جاهز ليستبدل نظرائه التقليديين في استخدامات عديدة، ويحقق الفوائد المرجوة بحسب الأهداف البيئية ومن ورائها الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، لكننا كدول تعاني الحر والاعتماد على التكييف لم نتواجد كطرف مساهم عندما تمكن جيريمي هاين، الشريك المؤسس ومدير التقنية في الشركة، مع فريقه من تحقيق هذا الإنجاز، وها نحن نستعد للاصطفاف في طابور الزبائن المحتملين للمنتج الذي هو بصدد بيعه، دون أن نستفيد من فائدته التجارية كممولين أو من نسبته إلينا كرعاة يتهمنا الخصوم والمشككون دوماً بأننا لا نبذل ما يكفي لحماية البيئة.