شيشاً فشيئاً يتكشف مدى عمق الارتهان والارتزاق الذي تمارسه ما تسمى بالمعارضة السورية المرعية في تركيا والتي، ومنذ البدء، كانت مجرد أداة طيعة توظفها أنقرة بالدرجة الأساس لتنفيذ أجنداتها على الساحتين السورية والإقليمية بعيداً عن كل ما يخدم مصالح السوريين في التحول الديموقراطي ووقف شلال دم الحرب الأهلية الطاحنة النازف على مدى نحو عقد من السنين.

فعلى وقع هزيمتها وتسليمها المناطق الخاضعة لسيطرتها تباعاً للنظام من حلب وحمص وحماة إلى ريف دمشق والغوطة لدرجة انحسار وجودها في منطقة ادلب الخاضعة لسيطرة جبهة النصرة القاعدية بوصفها أحد أعمدة هذه "المعارضة"، والتي غدت وبالاً على السوريين وعلى مختلف شعوب المنطقة ودولها ليس على صعيد الجوار القريب فحسب، وإنما حتى على مستوى مختلف دول الإقليم لتصبح قوة ارتزاقية صريحة تعمل بإمرة سيدها التركي فعلة وجودها كما لا يخفى خدمة المشروع الاستعماري النيو عثماني في العالم العربي كطابور خامس.

ولعل الغزو العسكري التركي لليبيا خير شاهد هنا، فالزج بفصائل مسلحة تابعة إلى "المعارضة السورية" بوصفها جماعات انكشارية جديدة في إطار تنفيذ المخططات التركية التوسعية في ليبيا والمياه الدافئة يثبت بشكل قاطع أن هذه "المعارضة" قد فقدت أدنى مصداقية لها وهي المعدومة أصلاً فهي، والحال هذه، مجرد مجموعات تستخدمها الدولة الراعية والممولة لها في مهمات قذرة في سياق التقليل من عديد ضحايا جيش تلك الدولة عبر استخدام هذه المجاميع في تلك المهمات والمواجهات تحت اغراءات المال والجنس وغيرها من محددات لحركات وسكنات هذه الفصائل التي باتت خطراً شاخصاً يتهدد العالم بأسره وما عاد مجدياً تدثرها خلف ستار كونها معارضة لنظام دمشق لإخفاء حقيقة كونها مجرد بيدق في يد أنقرة.

وواقع الأمر أن هذه المجاميع التابعة للائتلاف السوري وحليفاته من جماعات متطرفة كداعش والنصرة غدت أداة افتعال وتسعير للحروب الأهلية والدينية والطائفية على امتداد منطقتنا وهي تهدد السلم والاستقرار الإقليميين والدوليين ما يستدعي ضمها على الصعيدين العربي والأممي إلى قوائم الاٍرهاب الموصوفة ووضع حد لخطرها وتمددها وتجفيف منابع ومصادر تمويلها وإسنادها الممتدة من اسطنبول إلى الدوحة.