يبدو العنوان مضطرباً ومتناقضاً، لكن الحقيقة أن العادة قد جرت، حين تأسيس منظماتٍ جديدة في عالمنا العربي، أن تبدأ المنظمة بشخصٍ واحد، وفي حالة هذه المنظمة الجديدة سأكون أنا هو الشخص، وسأنصّب نفسي قائداً أوحداً، ولن أختار لعضوية المنظمة إلا من يرضى بهيمنتي الكاملة على أعمال وجدول اجتماعات المنظمة، قبل أهدافها وخططها واستراتيجياتها.

 فهذه لا تهم، وليست بأهمية جدول الأعمال والأجندات، فهي أخطر ما في المنظمات، والاستراتيجيات لا تعدو عن كونها خيالات وضعها من يريد التقرب من قائد المنظمة، وتبيان مدى حذلقته وأهميته.

ما علينا، المنظمة التي بدأت في تأسيسها سيكون مجالها رفض المعارضين للتطبيع، ليس من منطلق أنني من مؤيدي السلام مع اسرائيل والتعاون مع هذه الدولة الكائنة على البحر الأبيض المتوسط، بل لأنني وجدت أن من يرفضون التطبيع ليسوا سوى عملاء لإسرائيل، وبأدلةٍ دامغة، لا تغرب عنها الشمس إن شرقت..

من أدلتي الدامغة، أن رافضي التطبيع يعقدون الهدنات، ويستلمون أموالاً، ويقيمون اتفاقاتٍ - حتى لو كانت عبر وسطاء - مع إسرائيل، بل وصل بهم الأمر الى العلاج والطبابة في مستشفيات العدو الصهيوني، كما يفعل اسماعيل هنية وعائلته.

لنبدأ بهؤلاء الذين يحملون لواء التطبيع، حماس حركة تولت لعقودٍ رفع لواء أنها ضد التطبيع وضد إسرائيل، لكنها تعقد صفقاتٍ واتفاقات سلامٍ مؤقتة معها؛ اتفاقاتٍ متتالية لوقف إطلاق النار، وأي نارٍ هذه؟ إنها نار الجهاد والكفاح والنضال ضد المحتل، هل يملك أحدٌ في العالم إيقاف هذه النار؟ ولمصلحة العدو؟ إلا إذا كان مطبعاً معه ويشاركه المصالح؟!

والطامة الكبرى أن ”حماس“ تقبل باليوروهات التي يأمر صانع القرار الإسرائيلي القطريين بتوفيرها لها لتُسكت ناشطيها وميليشياتها! هل يقبل عاقلٌ أن تهضم معدة مناضل وبأموالٍ بخسةٍ طعام التطبيع العفن؟! وهل وصل الأمر بأن الإسرائيلي هو من يحرك آلة الصرف القطرية، لمصلحة حماس ومصلحه، في تطبيعٍ بالغ التوثيق؟!

لمصلحة من يتم إسكات حركات النضال الحقيقية عبر ميليشيات اليوروهات القطرية في غزة، وسيطرة ”حماس“ على الحدود مع إسرائيل، بحيث لا يخرج غير المطبّعين الحقيقيين للكفاح ضد المحتل؟!

لنذهب الى حزب الله، هو الآخر مطبّعٌ للعمالة، فهو قد ضمن استقرار إسرائيل وسلامة حدودها وأمنها، عبر اتفاقاتٍ وهدناتٍ مماثلة للتي مع حماس. قام الحزب بلجم كل الحركات الفلسطينية واليسارية في جنوب لبنان، وفي مسرحيةٍ شهيرة، استطاع الآن السيطرة على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، وضمان أمن الكيبوتزات الصهيونية. ومنذ أعوام طويلة لم يحدث شيء يذكر، لأن حزب الله ملتزمٌ باتفاقاتٍ مع إسرائيل، في تطبيعٍ فاضح، وتعاونٍ واضح.

ولننتقل الى النظام في دمشق، حيث كان ولا يزال هدف هذا النظام هو استقرار إسرائيل في الجولان، وطبّع مع إسرائيل في مدريد واشنطن، و برلين وغير ذلك. وهناك اتفاقات على عدم المساس بإسرائيل، ولا بمستوطناتها في الجولان المحتل.

أما عن إيران، فحدث ولا حرج، عن المسرحيات المستهلكة الشعاراتية، وعن احتفالات جمعة القدس التي لا يحدث فيها سوى الكلام ثم الكلام، ولا تحجب أعيننا عن صفقات الأسلحة، خاصةً عمليات ”سيشل“ و“أوبرا“ و“إيران كونترا“. كل ذلك لا يوهم عاقلاً بأن إيران جادّةٌ في تدمير إسرائيل! فهذه أسلحتها جاهزة، وصواريخها مستعدة، فلماذا لم تفعل ذلك حتى الآن؟

بعد كل هذه الأدلة التي قدمتها، هل ستنظمون لمنظمتي الشريفة؟ وهل ستوقّعون على بيانٍ عرمرميٍّ سأدشّنه قريباً؟ فقط نسيت أمراً بسيطاً: أنا في أمسّ الحاجة إلى جميع الفاشلين القوميين، والإخونج وبقايا رعاع خريف 2011، وكل من لديه عُقدٌ نفسيةٌ تجعله يكره حمامات السلام!!