يعد الثلاثاء الكبير، هذا اليوم، الثالث من مارس، من أهم المحطات في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية، وهو المحطة الخامسة منها.

وقد سبقته أربع محطات، الأولى ولاية ايوا الزراعية الصغيرة، والثانية ولاية نيوهامشير، والثالثة ولاية نيفادا، حيث مدينة لاس فيقاس الشهيرة، والرابعة ولاية جنوب كارولينا، ونحن هنا نتحدث عن الانتخابات التمهيدية للحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، إلا أن ما قد يخفى على البعض، هو  أن هناك عشرات الأحزاب السياسية في الولايات المتحدة، مثل حزب الحرية، وحزب الخضر، وحزب الدستور، وغيرها، لكنها لا تحظى بالمتابعة الإعلامية التي يحظى بها الحزبان الرئيسيان، حيث العراقة التاريخية والأموال الطائلة والمكاتب المنتشرة في كل ولاية، بل وفي كل مقاطعة، ويحسن التذكير بأنه رغم ترشح  آلاف السياسيين عن الأحزاب غير الرئيسية للانتخابات الرئاسية، فإنه لم يسبق أن فاز برئاسة أميركا، أي سياسي لا ينتمي إلى الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي والجمهوري، ما يعني أن أي سياسي يطمح لرئاسة أميركا، عليه أن ينتمي إلى هذين الحزبين، وإلا فإن فرصته بالفوز شبه معدومة، كما حصل للمرشح روس بيرو، والمرشح من أصل لبناني، رولف نادر، رغم شعبيتهما الجارفة.

أهمية هذا اليوم، أي الثلاثاء الكبير، ويعد المرحلة الخامسة للانتخابات التمهيدية، تكمن في أن التصويت سيكون في أربع عشرة ولاية، ومقاطعة واحدة، أما الولايات فهي: ألاباما وأركانساس وكلورادو ومين وماسيشيوستس ومينيسوتا وشمال كارولينا وأوكلاهوما وتينيسي وتكساس ويوتا وفيرمونت وفرجينيا، والأهم هي ولاية كاليفورنيا الضخمة، التي كانت تصوت في يونيو، وتم تقديمها هذه المرة، إضافة لمقاطعة ساموا الأميركية.. ولعلكم تذكرون أن التصويت في المراحل الأربع السابقة، كان يتم في ولاية واحدة فقط لكل مرحلة، ويبدو من خلال قراءة المزاج الشعبي العام، واستطلاعات الرأي، ونتائج المراحل السابقة، أن المرشح برني ساندرز  سيكتسح المشهد، ولكن مهلا، فمرشح الديمقراطيين المفضل، جوزيف بايدن، نهض من عثرته وفاز في المحطة الماضية، أي ولاية جنوب كارولينا، وهو فوز مهم، قد يلقي بظلاله الإيجابية على انتخابات هذا اليوم، كما أن البليونير، مايكل بلومبيرج، سيدخل حلبة السباق هذا اليوم...!.

لقد جرت العادة أن يكون الثلاثاء الكبير حاسماً في مسيرة المرشحين، فبعد نهاية التصويت، وفرز النتائج، قد ينسحب بعض المرشحين، ويتوقع بعض المعلقين أن يمنح فوز بايدن دفعة قوية لحملته، يهدّي فيها انطلاقة المرشح برني ساندرز، ويحدّ من الانطلاقة المتوقعة لبلومبيرج، فتاريخيا وعدا استثناءات قليلة، من يفز بولاية جنوب كارولينا ينطلق بعدها بقوة، كما حدث مع باراك أوباما عام ٢٠٠٨، ولكن يظل السؤال الكبير: هل يستطيع بايدن أن يبني على هذا الفوز، ويستغل الزخم الإعلامي المساند له، ووقوف أركان الحزب خلفه، أم يخذل الجميع؟!، فقد كتبت مرارا أن بايدن حتى الآن، لا يملك الطاقة اللازمة لبث الحماس في الناخبين، الذين يرغبون في مرشح يتمتع بطاقة إيجابية، يستطيع من خلالها الوقوف في وجه ترامب، الرئيس القوي، الذي يتلذّذ بالتنمر على الخصوم، ويسمي بايدن "جو النائم"، وعلى أي حال، قد نعرف بعد انتخابات هذا اليوم، هوية حصان الديمقراطيين الحقيقي، فإما أن يكون بايدن، كما ترغب النخب الديمقراطية، وإما ساندرز، الذي يثير إعجاب شريحة الشباب في الحزب، أو ربما ليس هذا ولا ذاك، بل مايكل بلومبيرغ، الذي ضخّ أموالا طائلة في الولايات، التي ستصوت اليوم، فلننتظر ونترقب.