يوم الأربعاء الماضي، صوت مجلس النواب الأميركي على الإتهامات الموجهة للرئيس ترامب، وقد تم تمرير المشروع، لا لأن ترمب مذنب، بل لأن الديمقراطيين هم الأغلبية في المجلس، وجدير بالذكر أنهم كانوا يسعون لعزله، منذ دخوله البيت الأبيض.

وعندما فشلوا في تلبيسه قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، بعد أن برّأه تقرير مولر، منحهم ترمب هدية أخرى، في قضية أوكرانيا، وهي في نظر كثير من الخبراء الدستوريين والمعلقين مخالفة لا شك، لكنها لا ترقى لدرجة العزل.

من تابع المداولات في مجلس النواب، يلحظ الإنقسام الحزبي الحادّ، الذي أصبح خلافا إيدولوجيا، يشبه الخلافات الطائفية، إذ كانت نتيجة التصويت حزبية خالصة، وحينها يفترض أن يتم إرسال مشروع الإتهامات إلى مجلس الشيوخ، فهناك تبدأ إجراءات المحاكمة والعزل.

هذا، ولكن رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، التي وصفها ترمب في تغريدة له بأنها أسوأ رئيس للمجلس عبر التاريخ الأميركي، تلكأت في إرسال المشروع، وتريد أن تفرض شروط الديمقراطيين على إجراءات المحاكمة.

في مجلس الشيوخ، حيث يترأس رئيس المحكمة العليا محاكمة الرئيس، يختلف الجمهوريون والديمقراطيون حول آلية إجراء المحاكمة، فالديمقراطيون يريدون أن تحضر أسماء بعينها للشهادة، مثل وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، وغيرهما، وفي ذات الوقت، يريد الجمهوريون بزعامة ترامب أن يحضر المرشح الديمقراطي، جوزيف بايدن، وابنه هنتر بايدن مع أسماء أخرى للشهادة.

وقضية أوكرانيا برمتها تتمحور حول بايدن وابنه هنتر، فترمب والجمهوريون خلفه على يقين بأن بايدن استغل سلطته، عندما كان نائبا للرئيس أوباما، لمنح ابنه وظيفة عالية بمرتب كبير في أوكرانيا، ثم استغل سلطته مرة أخرى لحماية ابنه، وهذا الخلاف على آلية المحاكمة في مجلس الشيوخ يتواءم مع الخلاف الحادّ بين الحزبين حول كل شئ تقريبا.

وليس الخلاف بين الحزبين فقط حيال هذه القضية، فحتى داخل الحزب الجمهوري، هناك خلاف بين ترامب وزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ميككولن، فالأخير يريدها محاكمة سريعة وعاجلة، أما ترامب، وهو النرجسي العنيد، فهو يصرّ على أن يرد الدّين للديمقراطيين مضاعفا، إذ يريد أن تكون المحاكمة عرضا للقوة، خصوصا وأنها ستنقل حية على الهواء، فهو واثق من أنه سينجو من العزل، وهذا أمر مؤكد حتى الآن، وبالتالي يريد عرض الإنتصار حيّا على الهواء، ليسعد أنصاره من جهة، ويدمي قلوب خصومه من جهة أخرى، فلننتظر تطورات هذه الأحداث المثيرة!.