يترقب المصريون حصول "الكشري المصري" على اعتماد منظمة اليونسكو لإدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لعام 2025، خلال اجتماع المنظمة المنعقد في العاصمة الهندية نيودلهي، حيث تبحث عشرات الترشيحات المقدمة من 78 دولة.
وقال مسؤول مصري لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "اليونسكو تعقد دورتها العشرين للجنة التراث الثقافي غير المادي في نيودلهي، برئاسة الدكتور خالد العناني، ومن المقرر أن تحسم يوم الأربعاء نتائج الطلب المصري الذي قُدم بشكل منفرد، أي بدون الاشتراك مع دولة أخرى على غرار العديد من الطلبات المقدمة".
ووفق الوثيقة المُقدمة لليونسكو -والتي اطلع عليها موقع سكاي نيوز عربية- قالت وزارة الثقافة المصرية إن "الكشري هو الطبق الأكثر انتشارا وشعبية لدى المصريين، وله جذور تاريخية فقد ظهرت رسوم له على المعابد، كما عُثر على بقايا مكوناته في المقابر الفرعونية، وهو طبق نباتي صحي يحتوي على البروتينات والكربوهيدرات والفيتامينات، دون دهون حيوانية، كما يعد اقتصاديا ومناسبًا لجميع الأديان".
وذكر الطلب أن "الكشري شائع في المطاعم المتخصصة التي تخدم شرائح اقتصادية واسعة بأسعار وأساليب تقديم مختلفة، رغم ثبات المكونات والوصفة الأساسية، وهو وجبة يومية مشبعة وبأسعار مناسبة للعمال والطلاب، وتقدمه المطاعم والعربات التي ظهرت منذ أربعينيات القرن الماضي، بديكورات وتصميمات تحمل طابعًا تقليديًا، وتنتشر خصوصا قرب المدارس باعتباره وجبة مشبعة تمنح الطاقة".
وأشار الطلب المصري إلى أن "الكشري يؤدي عدة وظائف اجتماعية وثقافية، إلى جانب كونه وجبة مشبعة ومناسبة لذوي الدخل المحدود والطلاب والعمال، وهو رمز للهوية المصرية ويُقدم بفخر للزائرين.. كما يمثل الهوية الوطنية في احتفالات اليوم الوطني داخل السفارات المصرية بالخارج".
وعلى مدار السنوات الماضية، حرص عشرات الوزراء والدبلوماسيين الأجانب خلال زيارتهم إلى القاهرة، على تذوق طبق الكشري المصري المكوّن من "المعكرونة والأرز والعدس والبصل المقلي، مُغطى بصلصة طماطم حارة"، على رأسهم وزيرة خارجية النمسا ماينل رايزينغر التي ظهرت وهي تُعد طبق كشري بنفسها، فضلا عن كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وعدد من السفراء الأجانب.
ومنذ عام 2008، تمكنت مصر من توثيق عدد من أبرز تراثها في قائمة التراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونسكو، مثل: فن التحطيب، والسيرة الهلالية، وعروض الأراجوز، والنسيج اليدوي، والاحتفالات المرتبطة بالعائلة المقدسة، والخط العربي، والفنون والمهارات المرتبطة بالنقش على المعادن "النحاس والفضة والذهب"، والسمسمية.
وإلى جانب الكشري المصري، تناقش منظمة اليونسكو عشرات الترشيحات من 78 دولة، من بينها "البشت الخليجي"، والشعر الموسيقي اليمني، ومهرجان الأضواء الهندوسي ديوالي في الهند، ورقص كوارتيتو الأرجنتيني، وحمامات السباحة الأيسلندية، وتقاليد السيرك التشيلية.
لماذا تقدمت مصر بطلب تسجيل "الكشري"؟
ومن نيودلهي، قالت مستشار وزير الثقافة المصري للتراث الثقافي غير المادي، نهلة إمام، في تصريح خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "تسجيل الكشري ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو يمثل اعترافا دوليا بعنصر أصيل من التراث المصري"، مشيرة إلى أن "هذا الطبق الشعبي لا يحتاج في الأصل إلى جهود صون لكونه منتشرا ومتجذرا في طقوس الحياة اليومية للمصريين".
وأضافت أن "ترشيح الكشري جاء استجابة لمطلب واسع من المجتمع، إذ تلقت الوزارة عبر السنوات مطالب متكررة من الجمهور لتسجيل الأكلات التقليدية المصرية، ومنها الفول المدمس والطعمية والعيش الشمسي، لكن اللوائح تتيح للدولة تقديم عنصر واحد فقط كل عامين، وهو ما جعل الأولوية للكشري استنادًا إلى رغبة الشارع المصري".
وأكدت إمام أن "فريق العمل بذل جهدًا كبيرا لإعداد ملف مكتمل المعايير، ونأمل أن تحسم لجنة التراث الثقافي غير المادي قرارها خلال اجتماعها لكي يتم إدراج الكشري رسميا، وأن نهدي هذا الإنجاز للشعب المصري".
وبدأت فكرة ترشيح الكشري بمبادرة مجتمعية خلال فعالية "طبلية مصر" لإحياء التراث الشعبي من المأكولات المصرية، بالمتحف القومي للحضارة، حيث أبدى الجمهور رغبته بترشيحه كعنصر للتراث غير المادي.
وبحسب وثيقة الطلب المصري، فإنه "استجابة لذلك شكلت لجنة التراث الثقافي غير المادي بوزارة الثقافة فريق إعداد للملف ضم خبراء تراث، باحثين، ممثلين عن مطاعم الكشري الشهيرة، أحد الطهاة في برامج التلفزيون، وممثلين عن منظمات مجتمع مدني من أربع محافظات، وأُخذت موافقات المجتمعات خلال احتفالات مرور 20 عامًا على الاتفاقية وإطلاق "بيت التراث" حيث قُدمت 1500 وجبة كشري مجانًا بحضور مكتب اليونسكو، قبل أن يتم تقديم الطلب بشكل رسمي".
وذكرت الوثيقة أن "الكشري واسع الانتشار ومتجذر في الثقافة المصرية ولا يحتاج إلى جهود مكثفة لصونه، ورغم ذلك فهناك دائمًا تدابير تضمن استمراريته، مثل إدراج الكشري ضمن المناهج الدراسية في كليات الاقتصاد المنزلي والسياحة والفنادق، وضرورة إتقانه كطبق يمثل المطبخ المصري".