تكشف الاستقالات الأخيرة في صفوف حركة النهضة بتونس، حجم الخسائر التي تسببت فيها سياسة "احتكار السلطة" وأهداف "التمكين" التي سيطرت على قيادات وأعضاء الحركة، وفقا لمراقبين تحدثوا لـ"سكاي نيوز عربية".

وتشير الباحثة التونسية رباب علوي إلى أن الاستقالات الجماعية من الحزب جاءت على خلفية فشلهم في الإصلاح من الداخل، الأمر الذي فاقم من "العزلة السياسية" للحركة، لافتة في حديثها لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن هذه الاستقالات لا تعدو كونها أمرا مباغتا إنما كانت متوقعة، إذ سبق وأن وجه 100 قيادي في الحركة في سبتمبر 2020 رسالة مشتركة إلى رئيس الحركة راشد الغنوشي طالبوه فيها بعدم الترشح لولاية ثالثة على رأس الحركة بمناسبة المؤتمر 11 للنهضة.

ووفقا لعلوي، فإن النهضة أضحت منقسمة بين من مساندي الغنوشي ومعارضيه، بيد أنها كانت معارضة صورية حتى يوم 25 يوليو الماضي، والذي شهد إعلان الرئيس قيس سعيد عن الإجراءات الاستثنائية، إذ تفاقمت الأزمة داخل الحزب منذ ذلك التاريخ وهدد بعض أعضاء المكتب التنفيذي بالاستقالة، لكن هذه الضغوطات لم تؤثر في الغنوشي الذي واصل التفرد بالرأي وقام بحل المكتب التنفيذي، وضرب بهذه التهديدات عرض الحائط، وهو الذي يترأس الحركة منذ سنة 1991.

وترجح الباحثة التونسية أن تتسبب حالة الانقسام داخل حركة النهضة إلى ظهور حزب سياسي جديد، يقوده أعضاء سابقون والمستقيلون من الحركة، ويقودهم سمير ديلو وعبد اللطيف المكي، وهم الذين كانوا مقربين من الغنوشي.

ومن المفارقة أن الغنوشي الذي قدم نفسه على أنه عارض نظام بورقيبة ونظام بن علي، منذ ثمانينيات القرن الماضي، على خلفية الحكم الفردي، عاد بعد الثورة ليقوم بنفس الشيء ويطبقه، وبالتبعية يجني ثمار أعماله.

أخبار ذات صلة

113 استقالة دفعة واحدة.. "زلزال" يضرب النهضة في تونس
تونس.. استنفار على الحدود بعد تحذيرات من نقل مقاتلين أفغان

وفضلا عن هذه الاستقالات، لم تنجح تركيبة المكتب التنفيذي الجديد في نيل ثقة مجلس الشورى خلال الاجتماع الذي انعقد صباح اليوم السبت. ورشح الغنوشي بعض الأسماء المقربة منه على غرار نور الدين البحيري وأحمد قعلول لعضوية المكتب التنفيذي، حسبما توضح علوي، ولكن يبدو أن الغنوشي نجح في إفشال مسار الديمقراطية داخل حركة النهضة، كما هو معتاد.

وتردف: "تبين من هذه الاستقالات أن الخيارات السياسية الخاطئة التي اتبعتها قيادة الحركة لم تؤد فقط إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس منذ عشرة سنوات، بل إلى انفجار داخل الحركة".

وتشدد الباحثة التونسية على أن الحركة الآن تواجه "عزلة سياسية" بسبب خياراتها، فبدلا من التوجه إلى التقييم ومراجعة سلوكها وسياساتها، بقيت في حالة إنكار متشبثة بسياسة لي الذراع، الأمر الذي نجم عنه تفاقم البطالة وتفشي الفساد، بينما ما يزال الغنوشي يقبض على رئاسة حركة النهضة ورئاسة البرلمان المجمد.

وتختتم: "يتخبط الغنوشي في معمعة الاستقالات، وهو اليوم في عزلة داخل حزبه، فقد يرتفع عدد المستقيلين من الحزب خلال الأيام القليلة القادمة بالإضافة إلى قائمة ال113، وذلك بالنظر إلى فشل انتخابات المكتب التنفيذي.. لقد أصبحت حركة النهضة مهترئة بسبب صراع المصالح والحكم الفردي الذي اتبعه الغنوشي، منذ ثلاثة عقود، وقد نشاهد خلال الأسابيع المقبلة "نهضة" جديدة بنفس توجهات الحركة لكن بقيادات جديدة".