طالبت قوى سياسية وحزبية تونسية السلطات في البلاد باتخاذ إجراءات عاجلة لضبط المجالس البلدية وتنقيتها من عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي، ومحاسبة المسؤولين عن وقائع فساد مالي وسياسي.

وجددت واقعة طرد رئيس بلدية رواد عدنان بو صعيدة المحسوب على حركة النهضة، من مكتبه إثر احتجاجات غاضبة من المواطنين، الحديث عن ضرورة تطهير كافة المؤسسات الحكومية في تونس من قبضة الإخوان والبدء الفوري في خطة المكاشفة والمحاسبة حتى يسترد الشعب حقوقه.

ويصف الناشط السياسي والقانوني التونسي، حازم القصوري هذا بالملف بأنه غاية في الأهمية ويحتاج إلى تدخل عاجل من جانب السلطات التونسية لاستكمال خارطة الطريق التصحيحية التي بدأ بها الرئيس منذ الإعلان عن الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو الماضي وما تبعها من خطوات قانونية وسياسية لتطهير مؤسسات البلاد من الفاسدين.

وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، يقول القصوري إن الملف يجب أن يكون أولوية في عمل الرئيس والحكومة في الفترة المقبلة خاصة أن تنظيم الإخوان قد وضع يده عليه واستغل تغلغل عناصره في البلديات المختلفة لحشد الناخبين في الانتخابات السابقة كما حاول خلال الفترة الماضية استغلال تواجده وسيطرته ببعض المناطق لحشد المتظاهرين ضد قرارات الرئيس قيس سعيد، لكن الشعب التونسي أجهض هذه المحاولات التخريبية.

أخبار ذات صلة

الرئيس التونسي يقول إنه سيغير قانون الانتخابات
قيس سعيّد.. شعبية "في السماء" تسهل خطوات تونس المقبلة

ويؤكد القصوري على ضرورة التسريع في إصدار قرار رئاسي بتعليق عمل البلديات لحين البدء في الاجراءات المقبلة الخاصة بخارطة الطريق والتي تشمل، وفق التصريحات الرسمية، تشكيل حكومة جديدة، وإقرار قانون جديد للانتخابات في إطار دستور كامل جديد للبلاد وتجديد الدماء في كافة مؤسسات الدولة بخطوات متعاقبة وفقاً ما تقرره السلطات في البلاد وبما يضمن مصالح التونسيين.

ويشير القصوري إلى أن هذا الملف يضج بوقائع الفساد ضد قيادات بارزة من تنظيم الإخوان وهم قيادات حالية في عدة مناصب بلدية بالرغم من تورطهم في قضايا فساد مالي والاستيلاء على المال العام وتسهيل عمليات مشبوهة لصالح النهضة ولخدمة أهدافها بما يخالف القانون التونسي، مستشهدا بقضية اتهام رئيس بلدية الكرم الإخواني، فتحي العيوني في الاستيلاء على مخصصات عامة مؤكداً أنها قيد التحقيق ولابد أن تؤخذ بعين الاعتبار.

 وحول الآلية القانونية لتعليق عمل البلديات قال القصوري، إن القرار يصدر من رئاسة الجمهورية ويتوافق مع كافة الإجراءات التصحيحة الراهنة لمجابهة الفساد والتصدي للعناصر المخربة، وبالتزامن يتم تعين نقابات اختصاصية لتولي مسؤولية متابعة مصالح المواطنين ومواصلة تقديم الخدمات لهم لحين الاستقرار على الآلية الجديد لانتخاب أو تعيين رؤساء البلديات في المستقبل القريب.

سعيّد يؤكد أهمية تحديد سياسة الحكومة التونسية الجديدة

وأشار القصوري إلى أن تعليق عمل البلديات أمر ضروري جداً حتى تتمكن الهيئات القضائية وجهات التحقيق المختصة من متابعة عملها فيما يتعلق بفتح ملفات الفساد والبدء الفوري بتحقيقات عاجلة مع المتورطين، خاصة أن الإخوان قد راهنوا على تلك المجالس للسيطرة على مفاصل الدولة ومخالفة القانون لخدمة مصالح التنظيم الدولي.

وأكد القصوري أن الشعب التونسي يعلم كامل العلم أن هذه المجالس لم تخدم سوى الفاسدين ولم تقدم أي انجازات للمواطن التونسي، مشيراً إلى أن طرد رئيس بلدية رواد هو مؤشر إيجابي على بدء تعاطي الشارع مع هذا الملف في ظل حالة الزخم السياسي.

ولايزال الشارع التونسي يترقب تشكيل الحكومة الجديدة، ومن جانبه، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، ليل الاثنين، أنه سيتم "وضع مشروع قانون انتخابي جديد حتى يكون النائب الذي يتم انتخابه مسؤولا أمام ناخبيه".

وتعهد سعيد بتكليف رئيس حكومة جديدة، مشيرا إلى "أحكام انتقالية تستجيب لإرادة الشعب".

وذكر الرئيس التونسي، في كلمته التي ألقاها من أمام مقر محافظة سيدي بوزيد، مهد انتفاضة 2011ـ وسط جمع من المواطنين، إن "التدابير الاستثنائية ستتواصل"، قائلا إن "المجلس النيابي الذي يريدون العودة إليه كان حلبة صراع، وحلبة سب وشتم وعنف، وتحول إلى سوق تباع فيه الأصوات وتشترى".

وتابع: "كان يمكن أن تكون التدابير الاستثنائية أشد وأكثر مما يحتملون، لكني تعاملت معهم بقيم أخلاقية، صواريخنا القانونية على منصات إطلاقه، وتكفي إشارة واحدة لتضربهم في أعماق أعماقهم".

أخبار ذات صلة

استطلاع: سعيّد يكتسح نوايا التصويت في تونس
تونس.. إطلاق سراح القيادي الإخواني سيف الدين مخلوف
القبض على سيف الدين مخلوف.. أحد أذرع الإخوان في تونس
تونس.. الحزب الوطني يدعو إلى حكومة اقتصادية واجتماعية مصغرة

 وشدد الرئيس التونسي على احترامه للحريات العامة: "ليسمع العالم كله الأحكام المتعلّقة بالحقوق والحريّات التي نصّ عليها الدستور ستبقى سارية المفعول، عملت على ألا يتمّ المساس بأية حرية".

وأكد سعيد أنه "لا مجال للتراجع أبدا أو الارتباك".

وأضاف في كلمة بثتها الرئاسة التونسية عبر فيسبوك: "ما زال التحدي هو التحدي، ولن نتخلى أبدا عنه إلا منتصرين. كلما اشتدت الأزمات المفتعلة، ازدادت معها الإرادة على تخطيها وتجاوزها".

واتهم الرئيس بعض الأطراف "ببث الفوضى والشك والهلع". وعلق: "كنت أتوقع أن بعض الأشخاص ستكون أفعالهم كما تعهدوا بها، ولكن اكتشفت أن الأهداف الحقيقية المبطنة هي المزيد من التنكيل بالشعب ومحاولة إجهاض الثورة".

وواصل كلمته: "تركت الوقت يمر منذ أخذي للإجراءات الاستثنائية للفرز بين الوطنيين الأحرار، ومن باعوا الوطن ومن هم مستعدون لبيعه، القضية ليست قضية حكومة وإنما منظومة متكاملة".

وحذر من أن هناك "من يريدون العودة إلى ما قبل 25 يوليو"، مشددا على أنهم "لن يعودوا أبدا لما قبل هذا التاريخ".