بعد الجدل الكبير الذي رافق مناقشة وتعديل مشروع قانون القنب الهندي في المغرب، صادق مجلس المستشارين، الثلاثاء، على القانون الذي يرخص لاستعمال النبتة الخضراء في أغراض طبية وصناعية.

وقد حظي هذا القانون بمصادقة أغلبية المستشارين، حيث صوت لصالحه 41 مستشارا، فيما عارضه 11 مستشارا عن حزب العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي).

وقال وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي الفتيت، خلال تقديمه لمشروع القانون، أمام أعضاء مجلس المستشارين، إن هذا المشروع يأتي لفتح آفاق تنموية لفائدة ساكنة المناطق المعنية بالزراعات غير المشروعة للقنب  الهندي.

ويهدف القانون 13.21 (القانون 13 للعام 2021)، إلى إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بزراعة وإنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير واستيراد القنب الهندي ومنتجاته لنظام الترخيص.

وسيعهد بموجب هذا القانون لوكالة (هيئة) خاصة، مهمة تدبير زراعة النبتة الخضراء ومنح التراخيص للمزارعين، والحرص على تطبق القانون بالتعاون مع السلطات المختصة والشركاء الوطنيين والدوليين.

ترحيب وتطلعات

ويثير موضوع تقنين القنب الهندي لاستعمالات مشروعة، انقساما وسط الشارع المغربي، بين مرحب ومتحفظ من هذه الخطوة التي أثارت الجدل لسنوات طويلة في البلاد.

ويطرح عدد من المواطنين المغاربة الذين التقتهم "سكاي نيوز عربية" في أحد شوارع الدار البيضاء، كبرى مدن المغرب، مجموعة من الأسئلة، تدور معظمها حول انعكاس الاعتراف القانوني بهذه الزراعة على التنمية الاقتصادية للبلاد، وكيف يمكن أن يعود بالنفع المباشر على المواطن.

وتقول السيدة الأربعينية نعيمة بنموسى: "لقد اتخذ المغرب قرارا صائبا بتقنينه استعمال هاته النبتة التي يعلم الجميع فوائدها، و قد قطع بذلك الطريق أمام تجار المخدرات الذين ظلوا يجنون أموالا طائلة لسنوات على حساب المزارعين البسطاء".  

وتضيف نعيمة "أتمنى أن توفر هذه الخطوة فرص عمل مناسبة لفئة عريضة من الشباب الباحث عن الشغل و الذي يعاني من البطالة، والتي تفاقمت بشكل أكبر بسبب تداعيات فيروس كورونا".

من جهته، يعتبر عبد السلام الخمري (52 عاما) أن المغرب وبمصادقته على هذا القانون سينهي معاناة فئة من المجتمع المغربي ظلت تعيش ولسنوات على الهامش بسبب المتابعات القانونية والقضائية جراء مزاولتها لنشاط فلاحي يدخل في إطار الممنوعات.

ويضيف عبد السلام "من الجيد أن يكون بوسع هؤلاء المزارعين مستقبلا العمل وفق ضوابط محددة وإطار منظم يضمن لهم كسب قوتهم اليومي، بعيدا عن الخوف الذي ظل يرافقهم لعقود من الزمن".

أخبار ذات صلة

المغرب.. مجلس المستشارين يقر مشروع قانون تقنين القنب الهندي
بالأرقام.. هذا ما سيجنيه اقتصاد المغرب من "زراعة الكيف"

ويستطرد: "الأمر يتعلق بتحول اجتماعي ينعكس بشكل مباشر على التنمية في مناطق الشمال، ومن الطبيعي أن تستفيد ساكنة قرى وحواضر شمال المغرب على الخصوص من استغلال القنب الهندي لأغراض مشروعة".

أما المهدي عشابي (44 عاما) فيؤكد على ضرورة مواكبة القانون الجديد بإحداث مراكز متخصصة في التدريب والبحث، يستفيد منها على الخصوص شباب ونساء المنطقة، بهدف تسهيل اندماجهم بسهولة في سوق العمل لا سيما في المجالات المرتبطة باستغلال القنب الهندي في المجال الصناعي.

ويضيف مهدي قائلا: "المغرب تأخر كثيرا من أجل اتخاذ هذه الخطوة، فالجميع اليوم يعلم أهمية النبتة الخضراء، والفوائد التي يتضمنها استغلالها في إطار مشروع يعود بالنفع على الجميع".  

تحفظ وتساؤلات

وعلى عكس الآراء المؤيدة، يعتقد محمد حساني (38 عاما) أن تقنين القنب الهندي من شأنه أن يساهم في زيادة استغلال بارونات المخدرات لهذه النبتة في أغراض ترفيهية وغير مشروعة، تحت غطاء قانوني.

وقال محمد: "من الصعب جدا منع استغلال هذه النبتة في الاستعمالات غير المشروعة من طرف تجار المخدرات اللذين يجنون أموال طائلة من وراء هذه التجارة التي حاربتها السلطات الأمنية لسنوات عديدة دون التمكن من القضاء عليها".

أما سناء الشابة الثلاثينية فتتساءل عن الربح الذي يمكن أن يجنيه المواطن المغربي من وراء هذه الخطوة وكيف يمكنها أن تنعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني.

أخبار ذات صلة

دراسة تكشف ما يفعله تدخين القنب الهندي بالوظائف البصرية
المغرب.. جدل بشأن توظيف سياسي لـ"القنب الهندي"

وتشدد الشابة على ضرورة القيام بحملات تحسيسية واسعة في أوساط المواطنين المغاربة عبر وسائل الإعلام ومختلف وسائط التواصل الاجتماعي، من أجل شرح الفوائد التي يكتسيها تقنين هذه الزراعة التي لازال يتوارى أصحابها عن أعين الشرطة.

وكانت دراسة سابقة أعدتها وزارة الداخلية حول جدوى تقنين القنب الهندي، قد  توقعت أن يصل الدخل الصافي للهكتار الواحد لهذه الزراعة إلى 110 ألف درهم سنويا (حوالي 13 ألف دولار)، وهو ما يمثل تحسنا بنسبة 40 بالمئة مقارنة مع أعلى مستوى للدخل الحالي.

وقدمت الدراسة فرضيتين فيما يخص حصة الإنتاج المغربي من السوق الأوروبي بحلول العام 2028، تستهدف الأولى 10 بالمئة من إجمالي نشاط السوق، وهو ما يمثل 4.2 مليار دولار، بحصة مداخيل فلاحية سنوية تقدر بحوالي 420 مليون دولار.

أما الفرضية الثانية، فتستهدف 15 بالمئة من السوق، وهو ما يشكل 6.3 مليار دولار، بمداخيل فلاحية سنوية تقارب 630 مليون دولار، وهو الرقم الذي سيمكن من تجاوز حجم إجمالي المداخيل الفلاحية الحالية في المغرب والمقدرة بحوالي 400 مليون دولار سنويا.