من المطار باتجاه مكتب سكاي نيوز عربية توقفت عن إحصاء نقاط التفتيش عند العشرة ، ومالم أحصه كان أكثر.

بعد تركيز شديد يمكنك اكتشاف أن الجنود على تلك النقاط هم من أهل البلد، لأن الأميركيين قبل أن ينسحبوا غيروا في هوية الجندي العراقي زياً وتسليحا لدرجة بدت وكأنها محاولة لطمس الهوية.

غادرت بغداد بعد عشرة أيام مضى خلالها العراقيون نحو الديمقراطية عبر مسارات عنف يومي ، بسب انفجارات لاتزال تحصد عشرات الأرواح.
 
للمرة الثانية تقودني أقدار المهنة باتجاه بلاد الرافدين. المهمة هذه المرة على وقع أخبار تتحدث أن مسلحين سيطروا على مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية وهم باتجاه أسوار العاصمة.

تأبطت درعي الواقي من الرصاص وغادرت صالة الوصول في مطار بغداد الدولي والعقل مزدحم بالتساؤلات عن شكل الإجراءات الأمنية في الخارج نتيجة ما كنت أعانيه من تلك "السيطرات" كما يسميها العراقيون خلال تجربتي السابقة. لكن المفاجأة كانت أن الطريق سالك إلا من بعض رجال شرطة ومسلحين غير نظاميين ، وحده سواد الرايات التي يحملونها يساعدك على تمييزهم.

هل تبخر الجيش العراقي كما فعل في محافظة نينوى؟ سألت نفسي خوفا. لكن علمت بعدها أن قيادة الجيش سحبت جنودها باتجاه أطراف المدينة والمناطق الملتهبة وتركت مهمة تأمنيها للشرطة ومن يناصبون المسلحين في نينوى والأنبار العداء بمنطق الطائفة.

يوما بعد آخر كثرت الأخبار عن انتصارات المسلحين في مواجهة الدولة العراقية خصوصا في محافظة صلاح الدين الحدودية مع بغداد. ارتفع تيرمومتر الطائفية في الصراع مع ازدياد المخاوف من وصول المسلحين إلى مدينة سامراء التي تحتضن مرقد "العسكريين" المقدس لدى الطائفة الشيعية.

الطوابير أمام محلات بيع الملابس العسكرية امتدت لأمتار في بغداد ، وبات السلاح منتشرا في أيدي المدنيين ما جعل الأجواء أقرب إلى عام 2006 حين كان القتل على الهوية.

طوابير أخرى شوهدت أمام مراكز استخراج جوازات السفر في صورة أشبه بحالة هروب جماعي.

المواطن العراقي في عموم البلد لم يخشي أكثر من أن يصل الوضع إلى درجة تصعب معها الفرجة ويستحيل الحياد خصوصا إذا أفتى الإمام بعد المرجع أن القتال فريضة مقدسة.