منذ اندلاع أحداث الثورة الليبية قبل أربع سنوات و بداية الأعمال العسكرية ضد نظام القذافي، تزايد عدد المتدفقين من المواطنين الليبيين على تونس بشكل لافت ليبلغ مليون و900 ألف نسمة حسب آخر تصريح رسمي تونسي في هذا الصدد قدمته وزارة الخارجية نهاية 2014.
وتتضارب الأرقام الرسمية حول العدد الأجمالي للمواطنين الليبيين المقيمين بتونس، فحسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء فإن العدد الإجمالي للمقيمين بصفة دائمة لا يتجاوز 9 آلاف شخص في حين يزور أغلب الليبيين تونس لفترات قصيرة لا تتجاوز الثلاثين يوما للعلاج أو للعطلة والسفر نحو وجهات أخرى انطلاقا من المطارات التونسية.
من جهتها، قالت القنصلية الليبية في تونس إن عدد الجالية الليبية في تونس لا يتجاوز 100 ألف ليبي بمن فيهم من يزورون تونس لفترات قصيرة.
وتتمركز النسبة الأكبر من الليبيين بمدن الجنوب التونسي كجربة وجرجيس ومدنين وصفاقس حيث تعودوا قضاء عطلهم وتربطهم علاقات متينة بالعائلات التونسية التي يستأجرون منها شققا ومنازل مفروشة بأسعار تتراوح بين ثلاثين وسبعين دولار في اليوم الواحد.
وتشير الأرقام التي نشرتها الغرفة الاقتصادية الليبية التونسية إلى تراجع حجم المبادلات التجارية بين البلدين إلى نحو 50% في السداسي الأول من السنة الحالية مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.
غير أن غياب الاستقرار وتشعب الصراع الليبي جعل الهاجس الأمني على رأس أولويات السلطات التونسية التي تعمل على تأمين الشريط الحدودي الممتد بين معبري راس جدير والذهيبة، عبر الشروع في إقامة ستار رملي مشفوع بخنادق و مراقبة إلكترونية للتصدي لعمليات التهريب التي يرتبط جزء هام منها بالجماعات المتطرفة الناشطة بين البلدين.
وأمام تواصل الصراع في ليبيا شهدت العلاقات الرسمية بين البلدين فترات مد وجزر وأزمات عدة كان آخرها اختطاف طاقم القنصلية التونسية بطرابلس على يد مسلحين مقربين من ميليشيات فجر ليبيا يوم 12 يونيو الماضي قبل أن يتم إطلاق سراحهم مقابل الإفراج عن أحد قيادات فجر ليبيا من السجون التونسية، مما دفع الخارجية التونسية إلى إغلاق قنصليتها بطرابلس في انتظار تحسن الظروف الأمنية.
أما على مستوى العقارات فقد بدأت طلبات شراء المنازل التي يبحث عنها الليبيون تتغير في العاصمة تونس من الأحياء الراقية إلى الأحياء الأقل كلفة وحتى المناطق الشعبية القريبة من العاصمة.
وكانت القنصلية الليبية في تونس قد أعلنت أنها شرعت في صرف إعانات تقدر بـ400 دولار للعائلة تصرف مرة واحدة بالنسبة للمسجلين بمكتب شؤون النازحين بالخارج بمقر القنصلية.
ويتطلع الليبيون في تونس إلى أمل توصل الفرقاء إلى حل سياسي ينهي الصراع الداخلي ليعود الاستقرار و الأمن إلى ليبيا تدريجيا ليتمكن الآلاف من الليبيين الذين اضطروا إلى المغادرة نحو تونس والمغرب ومصر وتركيا من العودة إلى ديارهم وبداية بناء ليبيا الجديدة.