مع اقتراب الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، الاثنين، لا تبدو الأنباء من العاصمة النمساوية فيينا، حيث تدور المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1، مشجعة.
لا تبدو هناك مفاجآت في صعوبة اتفاق النهائي في ظل فشل محاولات أخيرة لإزالة العقبات عبر مفاوضات مباشرة، كانت آخرها في العاصمة العمانية مسقط، وذلك في ظل إصرار الأسرة على ضمانات لسلمية البرنامج النووي الإيراني وإصرار إيران على رفع فوري للعقوبات وليس تدريجيا حسب التزامها.
هناك شبه إجماع بين المتابعين لملف نووي إيران بأن موعد 24 نوفمبر لن يمر بإعلان "فشل" المفاوضات، وتسعى كل الأطراف إلى إيجاد مخرج لاستمرارها حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي.
الولايات المتحدة، معها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا، لا ترغب في تضييع فرصة أن العقوبات جعلت الإيرانيين مستعدين للتفاوض وتقديم تنازلات لضمان أن مشروعهم النووي لا يهدف إلى إنتاج سلاح نووي.
وطهران على الجانب الآخر تريد الخروج من العقوبات الاقتصادية الخانقة وتحقيق إنجاز للرئيس "الإصلاحي" حسن روحاني، يبني عليه في التحول بعيدا عن التشدد في الداخل ويفتح الباب أمام علاقات إيرانية إقليمية جديدة.
وتواجه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما كونغرس يسيطر عليه الحزب الجمهوري المنافس لحزبه الديمقراطي، وربما يعمل على عرقلة أي إنجاز له في نهاية فترتي رئاسته. وأداة الكونغرس البديهية هي فرض مزيد من العقوبات على إيران لإجبارها على قبول خفض قدرات تخصيب اليورانيوم مقابل رفع تدريجي للعقوبات.
وتستخدم إدارة أوباما هذه الحقيقة كدافع لإنجاز اتفاق ما في فيينا، ولو اتفاق إطار لاستمرار التفاوض حتى الربيع مثلا للتوصل إلى اتفاق نهائي، وفي الداخل يحذر البيت الأبيض من أن مزيدا من العقوبات قد يأتي بنتائج عكسية ويدفع طهران للخروج من عملية التفاوض.
على الجانب الإيراني، ليست كل تركيبة السلطة ونخبة المجتمع خلف الحكومة، فهناك من يستفيدون من العقوبات، وتشير تقارير غربية إلى أن هؤلاء يصل نفوذهم السياسي إلى أعلى مراتب السلطة في إيران ويجنون المليارات بإمساكهم خيوط الالتفاف على العقوبات.
وهناك أيضا التيار المتشدد الذي يرى أن التنازل للغرب لن يؤدي إلا إلى "إضعاف الجمهورية الإسلامية"، وهؤلاء لا يريدون لحكومة روحاني أن تنجح أصلا لاعتبارات سياسية داخلية في سياق تطلعهم لعودة رئيس مثل السابق محمود أحمدي نجاد.
ورغم أن المرشد الأعلى علي خامنئي هو المرجعية النهائية، وكما هو معلن يدعم حكومة روحاني في المفاوضات، فإن نفوذ "منتفعي العقوبات" وتيار التشدد مأخوذ في الاعتبار لديه.
أمام مأزق أوباما مع الكونغرس وروحاني مع المتشددين، لا يريد يستطيع أي من الطرفين تحمل الفشل، الذي سيعني فقدان أوباما لإنجاز مهم يختم به رئاسته وسيعني لروحاني أساسا يبني عليه مشروعه "الإصلاحي".