في مدينة حلب شمالي سوريا، التي هجرها الآلاف من سكانها، يدفع من بقي فيها ثمنا باهظا للحرب، لا سيما النساء والأطفال.
الدمار يحيط بكل من لم يرحل من سكان حلب، وأطفال هذه العائلة يبحثون عمن يستمع إلى محنتهم، بكلمات لا تعكس حداثة أعمارهم.
وتحكي الطفلة جودي، صاحبة الأعوام التسع، مأساتها مع الحرب التي تمزق سوريا منذ أكثر من 3 أعوام، فوالدها قتل، وهي مريضة بثقب في القلب ولا دواء متاحا.
وتقول جودي: "عمري 9 سنين، وأسكن في مساكن هنانو بحلب. والدي استشهد وأعاني فتحة بالقلب ولا يوجد دواء. كل الصيدليات دمرت. حرمنا من كل شيء. الطائرات تقصفنا بالبراميل. انظروا إلى بيتنا ولهذا الدمار. أمي تريد السفر إلى تركيا لكن ليس لدينا مال".
وتضيف أسرة جودي أن المدينة شهدت فرار الآلاف من سكانها جراء البراميل المتفجرة التي تقذفها الطائرات يوميا، وبوادر الفرج لا تبدو قريبة المنال.
وحلب التي تقع شمالي سوريا، تمثل بوابة البلد نحو تركيا، حيث عبر مئات الآلاف الحدود فرارا من الحرب، سواء إلى مخيمات اللاجئين قرب الحدود، أو إلى مدن تركية حيث يبدأون حياة أخرى خارج الوطن.
لكن التأثير الأكبر يبقى على الأطفال، فالعنف والموت والجوع يحيط بهم في أزمة ستترك بصماتها عليهم مدى حياتهم، حيث كشفت عدة تقارير لليونيسف أن أكثر من 5 ملايين طفل سوري يتأثرون بالصراع في سوريا ونحو مليوني طفل يحتاجون إلى علاج أو دعم نفسي.
ويقول مدير مؤسسة "غراس" هيثم عثمان: "استطعنا رصد عدد من التأثيرات النفسية والاجتماعية التي انعكست على الأطفال تحديدا سلبا. حالة من القلق وعدم الاستقرار والخوف من فقدان العائل. هناك عدد من الأطفال الآن لصيق في أمه، في جده نتيجة فقدان الوالد".
و"غراس" مؤسسة خيرية لدعم النساء والأطفال في حلب.
ويتابع عثمان: "رصدنا عددا من حالات الزواج المبكر. تلك نتيجة سلبية أخرى للحرب. عدد الأولاد الكبير في الأُسرة أحيانا يكون عبئا خصوصا بعد فقدان العائل. لذلك تلجأ بعض الأُسر إلى تزويج الفتيات بعمر مبكر. المشكلة الحقيقية تكمن في عدم قدرة الأطفال على التعبير كالكبار. اليوم الطفل يعبر بسلوك سلبي أو عنيف أو انطوائي".
وتقول الأمم المتحدة إن عدد الأطفال السوريين الذين قتلوا منذ بداية الأزمة يفوق 10 آلاف طفل، بينما تصنف اليونسف سوريا على أنها من أخطر الأماكن في العالم على الأطفال.